- 2 -
الإمام ناصر محمد اليماني
09 - 05 - 1431 هـ
23 - 04 - 2010 مـ
04:06 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ
( الردّ على الأمل الموعود )
أما برهانك على وجود الإمام محمد الحسن العسكري منذ الأزل القديم فتقول: إنّ مثل ذلك كمثل أصحاب الكهف والرقيم!
وأما الدليل على أنّي الإمام المهديّ هو أنك لن تُحاجّني من القرآن إلّا غلبتك بالحقّ، وأما الروايات فمنها ما هو حقٌّ وأكثرها باطل مُفترًى ما أنزل الله به من سلطان! ولم يأمرني ربّي أن أُحاجّكم بالروايات ونحتكم عليها، بل أُمرتُ بما أمر الله به جدّي محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أن نُجاهد الناس بالقرآن العظيم، تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [النمل].
ولكن يبدو لي من أول وهلة أنّك لا تُريد الحوار من القرآن؛ بل تُريد الحوار من الروايات فقط، وقد تبيّن لنا ذلك من خلال رد الأنصار المُكرّمين عليك بالبيانات المقتبسة فأعرضت عنها وكأنّك لم تسمعها وقمت بتنزيل بيانك مرةً أُخرى، ولكنّي لا أُصدّق بقتل النفس الزكية ولا أُكذّب، فكم تُقتل من نفسٍ زكية في البلاد ظُلماً وعدواناً كبيراً؟ فلِمَ تحصرون قتل النفس الزكية على شخصٍ واحدٍ فقط فتعتقدون أنّ ذلك من علامات الظهور وكأنّها لن تُقتل غير نفسٍ واحدةٍ زكيةٍ! بل تمّ قتل الكثير من الصالحين ومُلِئت الأرض جوراً وظلماً، أفلا تتّقون؟ فما لي ورواياتكم ولم يأمرني الله أن أُحاجّكم بها! وأتركها للأحداث فما شاء الله أن يحقّق منها فهو على كل شيءٍ قدير وما شاء الله أن يبدلنا خيراً منها فهو على كل شيءٍ قدير وإلى الله تُرجع الأمور.
وأما برهانك على وجود الإمام محمد الحسن العسكري منذ الأزل القديم فتقول إنّ مثل ذلك كمثل أصحاب الكهف والرقيم! ومن ثُمّ نردُّ عليك بالحقّ وأقول: أولئك ظهروا في قدرهم المقدور في جيلهم وأُمّتهم، وإنّما تمّ تأخيرهم ليكونوا من وزراء المهديّ المنتظَر وآياتٌ للعالمين من أنفسهم عجباً.
وأما عمر دعوة نبيّ الله نوح فهو لم يتجاوز أُمّةً واحدةً كانت أعمارهم من ثلاثة آلاف عام، وليست أعمار الأُمم الأولى كمثل أعماركم اليوم، وليست أجسام الأُمم الأولى كأجسامكم اليوم، أم لم تجدوا الصخور الكبرى من آثارهم في الأرض في عمرانهم للأرض؟ تجدون لهم آثاراً ضخمةً برغم عدم وجود آلاتٍ! بل يرفعونها بأيديهم نظراً لضخامة أجسادهم العملاقة وقوّتهم الجسدية لأنّ الله زادهم بسطةً في الخلق على الأُمم من بعدهم كمثل قوم نوحٍ وعادٍ وثمود. وقال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} صدق الله العظيم [الأعراف:69].
ومن الأُمم الأولى أصحاب الكهف فلو تطّلع على أجسادهم العملاقة لولّيت منهم فراراً ولمُلِئت منهم رُعباً بسبب ضخامة أجسادهم! ولكنّي بيّنت لكم سبب التولّي منهم والهرب، وإذا عُرف السبب بطل العجب.
وأما أنّ الله أنطق المسيح عيسى ابن مريم في المهد صبياً فذلك حتى يُبرّئ أُمّه مما قال فيها قومها حين رأوها تحمل بين ذراعيها طفلاً وقالوا: {يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} صدق الله العظيم [مريم:27].
ولذلك أنطق الله المسيح عيسى ابن مريم وعرّف بنفسه وبرّأ والدته. وقال الله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿٣٠﴾ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴿٣٢﴾ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [مريم].
وكل نبيّ أو إمام يظهر في عصره وقدره في أُمّته وجيله المخلوق فيه وإنّما يختفي إن يشأ الله من بعد الدعوة والإثبات، ولكنّكم لن تجدوا لمحمد الحسن العسكري أي برهان علمٍ ولا آثاره؛ بل أسطورة ما أنزل الله بها من سلطان!
ويا صاحب الأمل، لا تستعجل فتدبّر وتفكّر البيان الحقّ للذكر إن كنت من أولي الأبصار، فسوف تتذكّر وهل يتذكّر إلّا من يتفكّر من أولي الألباب؟ فاتّقوا الله يا أولي الألباب واتّبعوا صاحب علم الكتاب من قبل مرور كوكب العذاب كوكب سقر ليلة يسبقُ الليل النهار، ليلة النصر والظهور للمهديّ المنتظَر فيظهر الله عبده وخليفته على كافة البشر في ليلةٍ وهم صاغرون المُعرضون عن الحقّ من ربّهم.
وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين..
أخو السُّنّة والشيعة الإمام المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني.
____________________